جميع الشركات التي لحقت بقطار التطور التكنولوجي، ظلت في الطليعة
في جميع أنحاء العالم، أدى ظهور الصناعات الناشئة إلى تعطيل نماذج الأعمال التقليدية بوتيرة لم يسبق لها مثيل. أصبحت علامات تجارية، بل لن أبالغ إذا قلت قطاعات بأكملها والتي كانت في وقت سابق تتمتع بحصة الأغلبية في الأسواق، بين ليلة وضحاها تنتمي إلى فئة الأعمال المهددة بالإندثار. وهناك أمثلة كثيرة لتوضيح ذلك، بداية من العلامات التجارية الشهيرة مثل شركة تصنيع أفلام التصوير الشهيرة “كوداك” والتي توقف نشاطها في السوق لصالح الكاميرات الرقمية، و مرورا بالصناعات مثل وكالات السفر، والتي توقف نشاطها بسبب الأعداد الهائلة من مواقع السفر التي تقدم خدمات يسهل الوصول اليها فضلا عن أسعارها المعقولة. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه حتى مع الصناعات التقليدية الكبيرة مثل الخدمات المصرفية واللوجستية التي يهددها نمو التكنولوجيا الحديثة بداية من الابتكارات في التكنولوجيا الفائقة مرورا بالطباعة بتقنية الثلاثيه الابعاد “3D” وتقنيات صناعة الطائرات بدون طيار.
وكثيرا ما يقال في هذه الأيام أن جميع الأعمال التجارية قائمة على أعمال تتعلق بالتكنولوجيا، وأن الأعمال التي لا تتطور بسرعة كافية لتواكب موجة المخاطر والاضطرابات من حولها ستتعرض لخطر كبير وحقيقي. فيجب على الشركات أن تفهم وتقدر إمكانية التقدم التكنولوجي وقدرته على عرقلة عرض منتجاتها وخدماتها، ومن هنا يتحتم عليها التوصل لإتباع مسار عمل حاسم لضمان أن تبقى في الطليعة. وسأقوم فيما يلي بمناقشة الخيارات البديلة.
يمكنك أن تفكر وتأخذ بعين الاعتبار تحويل عملك إلى عمل قائم على التكنولوجيا، والذي يتضمن استخدام أساليب وأدوات جديدة مبتكرة لتكملة الخبرة المكتسبة على مدى عقود وليس من السهل القيام بذلك، ولاسيما المؤسسات العريقة والتي أثبتت صعوبة في التحول. ومع ذلك، فإن تبني الأساليب والطرق التي تعتمد على التكنولوجيا قد تتفاوت بين الاستمرار أو الازدهار في ظل ظروف السوق الجديدة. فالمؤسسات الكبيرة والعريقة العالمية مثل جولد مان ساكس استخدمت عدد من المهنيين في أقسام التكنولوجيا لديها، وحاولوا أن يطلقوا على أنفسهم أنهم “شركات قائمة على التكنولوجيا”، وذلك إقرارا منها بأهمية هذا التعثر على السوق. ومع ذلك، فإن الحديث عن التحول إلى الإعتماد على التكنولوجيا دائما أسهل من تنفيذه. رغم أن التكنولوجيا يمكن أن تدعم وتساعد عمليات تسيير الأعمال، إلا انه من الصعب تحويل الأعمال، إذا كان الهدف الأساسي منه هو التنافس مع شركات صغيرة أو الشركات المبتدئه. وتمثل مقاومة ما ذكر سابقا تحديا مستمرا للشركات التي تحتاج إلى التحول. ومع ذلك، لم يعد هذا الخيار مناسبا للشركات التي تنوي البقاء والاستمرار في العقد المقبل.
وهناك خيار آخر يتمثل في الاستثمار في شركات التكنولوجيا الأصغر حجما والأكثر مرونة والتي يمكن أن تتسبب في تعطيل أعمال شركتك. رغم أنه قد يبدو بديهيا أن تدعم الشركات التي يمكن من الناحية النظرية على الأقل، أن تعرقل أعمالك حيث أن المنطق يستدعى ذلك، لأنه إن لم تقم بدعم هذه الشركات فسوف يقوم شخص آخر بدعمها، وفي هذه الحالة ستتأثر أعمالك على أي حال. ومن خلال الحفاظ على محفظة من الشركات، فيمكن لأحد هذه الشركات الصغيرة أن تلعب دور النبي داوود الذي قضى على جالوت، ويمكنك تعظيم فرصك في دعم الشركة الصحيحة والاستفادة من نجاحها كمستثمر وشريك استراتيجي.
في الواقع ، تشمل الفوائد الأخرى التعاون التجاري الذي يمكن أن تحققه مع بدء التشغيل، مما يدر المزيد من العائدات أو تحقيق وفورات في التكاليف للمستثمر. الاستثمار دائما ما يكون تجربة تعليمية، ومن خلال الاستثمار في مجموعة من الشركات المبتدئة، سوف تتعلم الشركات من خبراتها وأخطائها، وسوف تكون في وضع أفضل لاختيار التقنيات التي يمكن أن تحول أعمالها. وأخيرا، دائما ما يكون هناك خيار مطروح للشركات للبدء في مباشرة أعمالها. ومع ذلك، فمن غير المستحسن أن يتم دمج الشركات حديثة العمل في منظمة كبيرة، لأن هذا يقضى على فكرة أن تكون سريعة النمو وذات خبرة ويمكن أن تعيق الابتكار. وبمجرد أن تصبح شركة التكنولوجيا راسخة، فلا يمكن الاستغناء عن أحد مستثمريها من الشركات، وقد يكون القرار السليم الذي تم اتخاذه وإدماجها أو تحويلها إلى قسم هام أو فرع تابع للشركة الأم.
وأيا كان المسار الذي يتخذه المرء لركوب قطار التطور والتحديث ، فمن المؤكد أن أولئك الذين لا يلحقون بهذا القطار الآن من المرجح أن يتخلفوا ويصبحون في طي النسيان .