لا تهدر الفرص التي قد تحملها الأزمات. فعلى الرغم من أن العالم لا يزال في خضم واحدة من أعظم الاضطرابات الصحية والاقتصادية وأيضًا على مستوى الجغرافيا السياسية في عصرنا الحديث، فليس من السابق لأوانه تحديد الفرص التي ستساعد في بناء عالم أفضل إلى جانب تحقيق فوائد اقتصادية جيدة.
رؤيتي الأساسية تستند إلى شقين:
التجارة الإلكترونية
تزايد اعتماد استخدام التجارة الإلكترونية على مستوى العالم لسنوات عديدة. وقد أدت التجربة الأخيرة للحظر واسع النطاق والتباعد الاجتماعي إلى التأثير على المستهلكين الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى المتاجر التقليدية. وقد تم بالفعل إغلاق العديد من هذه المتاجر، وبشكل عام المتاجر غير الغذائية وغير المتعلقة بالرعاية الصحية، مما ترك المستهلكين دون خيار سوى اللجوء إلى التجارة الإلكترونية لشراء السلع.
ستعمل هذه الأحداث على تسريع نمو التجارة الإلكترونية بطريقة دائمة لعدة أسباب:
التعلم عن بعد والعمل عن بعد وتقديم الرعاية الصحية عن بعد
كان قطاعا التعليم والرعاية الصحية يتحركان ببطء للدخول إلى ثورة عصر الإنترنت. وقد استمر هذا الوضع لفترة طويلة فيما يخص طبيعة العمل المتغيرة في هذه القطاعين، ولكن تجربة الانتقال مؤخرًأ إلى العمل عن بعد بشكل مكثف في هذين القطاعين هي تجربة غير مسبوقة من حيث الحجم.
وبانتهاء هذا الوضع، سيكون أصحاب العمل والموظفون قد تعلموا الكثير عن مزايا وتحديات العمل من المنزل. في حين ستستمر المكاتب العادية في العمل، سيتم تنفيذ نسبة متزايدة من العمل إما من المنزل أو عبر الإنترنت. كمثال شخصي، سوف أقوم بتقليل عدد الاجتماعات الشخصية التي أقوم بها بشكل كبير، حيث أقوم بموازنة القيمة المضافة لمقابلة شخص ما مقابل الوقت الثمين الذي يقضيه في التنقل إلى مواقع الاجتماعات. سيقوم أصحاب العمل أيضًا بتقييم وتقدير الوقت الذي اكتسبه موظفوهم من خلال عدم الانتقال إلى المكتب مقابل الاستفادة من رؤيتهم شخصيًا كل يوم. وستشمل عوامل أخرى، التوفير في فواتير الإيجار والمرافق من التواجد مكاتب أصغر حيث أن بعض الشركات القائمة على المعرفة لن يكون لن يعمل جميع موظفيها في المكاتب في نفس الوقت مرة أخرى.
بصفتي أبًا لطالبين جامعيين وآخر في المرحلة الإعدادية، كنت أشاهد بذهول نقص تطور الأنظمة التعليمية على مدى السنوات الـ 15 الماضية، ناهيك عن حياتي الخاصة، نظرًا لوجود تطور ضئيل جدًا بين الوقت الذي أقضيه في الذهاب إلى المدرسة والوقت الحالي. لقد كثرت الأقاويل حول استخدام التكنولوجيا لتعليم الأطفال والبالغين، ولكن لم يتم فعل الكثير حيال ذلك. فالآباء والمؤسسات التعليمية التي يعهدون بها لأبنائهم محافظون لدرجة تجعلني متشكك في الواقع حول مقدار التقدم الذي سيحدث بالفعل. قد يشهد قطاع تعليم الكبار والتعليم المهني أكبر قدر من التقدم، وربما يقضي الأطفال مزيدًا من الوقت في التعلم الذاتي وستشجع المعاهد التعليمية على إنشاء الإطار المناسب لذلك التعلم الذاتي.
أما فيما يتعلق بتقديم الخدمات الطبية عن بعد فأنا أكثر تفاؤلاً: إن قائمة المشاكل التي يجب حلها، من حيث التكلفة وصولا إلى الرعاية المتخصصة، حتى معالجة التأمين بالإضافة إلى العديد من المشاكل الأخرى طويلة جدًا. بالفعل العديد من الشركات المختلفة تزدهر وتبتكر في هذه المجال في جميع أنحاء العالم.
التكنولوجيا الزراعية
من المحتمل أن يكون قطاع التكنولوجيا الزراعية هو القطاع الأكثر استعدادًا للنمو. لقد ألمحت في مقدمتي إلى الآثار الجغرافية السياسية للوباء. في عالمنا شديد الترابط، تعتمد العديد من البلدان على الواردات لتوريد العديد من السلع الأساسية، وأهمها الغذاء. وستكون إحدى نتائج هذه التجربة زيادة الوعي بأهمية إنتاج الغذاء محليًا، بالإضافة إلى العديد من السلع الأساسية الأخرى مثل المستلزمات الطبية. في الغالب يكون سبب الرئيسي لاستيراد الطعام هو إنتاج منتجات معينة بكفاءة أكبر في بعض البلدان، ومع انخفاض تكلفة الخدمات اللوجستية الدولية وزيادة كفاءتها، أصبح نقل هذه البضائع لمسافات طويلة جزءًا من حياتنا اليومية. ومع ذلك، في الوقت الذي تتطلع فيه الحكومات إلى حماية مواطنيها من خطر حدوث اضطراب آخر، والذي قد ينتج عن ” أحداث غير معروفة أو غير متوقعة”، فإن الاستثمار في التقنيات التي تتيح الإنتاج المحلي للمنتجات عالية الجودة والفعالة من حيث التكلفة سيصبح ذا أهيمه عليا.
كيفية تحويل هذه الأفكار الرائعة إلى فرص استثمارية جيدة؟
لن تحقق جميع شركات هذه القطاعات الرابحة مكاسب. في الواقع، إن شهية المستثمرين لتحمل الخسائر والمهلة الطويلة للربحية ستكون أقل مما كانت عليه. سيكون اختيار نماذج الأعمال الأكثر حدة وأفضل فرق الإدارة هو العامل الرئيسي لتحقيق الأرباح أكثر من أي وقت مضى. بالإضافة إلى ذلك، ستجذب الشركات ذات القيمة المعقولة المزيد من رأس المال و من المرجح أن تحقق أرباحا في مجال يضم كثيرا من المنافسين الذين يتطلعون إلى الاستثمار في نفس المشاريع.